عجائز ولكن .... اسأل عن السر ؟؟
=============

في الماضي بل ومازلنا نقرأ قصص الصحابة - رضوان اله عليهم - ومنهم قصة الصحابي الصابر المحتسب عمار بن ياسر صاحب البشرى بالجنة من فم النبي -صلى الله عليه وسلم - وعندما تقترب نهاية القصة اقف امام موقف هذا العملاق حيث كان عمره يناهز التسعون ، نعم تسعون عاماً من الجهاد والابتلاء والصبر ، تسعون عاماً كافية لأن تجعل من أي انسان فى مثل هذة السن ان يستريح من عناء الحياة ومن بذل اي مجهود ..، فقط ماعليه الا الراحة والكل يسهر لخدمته ..

لكن عمّار فى هذا السن سمع نداء النفير ، نعم نفير الحرب ، ياخيل الله اركبي ..ياخيل الله اركبي .. نعم انه نداء الجهاد نداء العزة والفخر ، نداء الجنة ، فمن يتأخر ..؟؟

،ولكنك ياعمّار فى التسعين ..!! وهنا يصيح بها عمّار " وهل تركت لنا أية النفير جنباً ننام عليه " يااااااااه ياعمّار....!!ماذا لو تخلفت عن المعركة لكان لك العذر ولكن مالسر ياصاحب رسول الله ، مالسر ..!!

ولكن ورب الكعبة فازعمّار ..هنيئاً لك الشهادة وهنيئاً لك الفردوس - باذن الله -

هنا سألت نفسي ..لما التعجب ..!! فهذا صحابي رسول الله وان لم يفعل ذلك فمن يفعل ..؟؟

ومرت الأيام وقرأت قصة الامام احمد بن حنبل - رضي الله عنه - يحدث له من الفتنة والابتلاء ماإن حدث لشاب فى عصرنا هذا لظل ملازماً الفراش لشهور بل لسنين ، ولكن قرأت ان الامام كان يقوم الليل بعد هذا العذاب والابتلاء نعم يقوم الليل ، لانقول بركعتين او اربع ، ولكن فوق المائة ركعة ، كم عمرك ياإامام ..؟؟ فوق السبعين ..!!!

ومرت الايام ووقعت أماي قصة المجاهد الشهيد -باذن الله - عمر المختار ، يقود الجيوش فى السبعين من عمره ، يالله في السبعين ويقود بنفسه الجيوش ، ماهذه الهمة وماهذا السر الذي يحركهم ..!!!


اخواني واخواتي الكرام .. جرت العادة وتعودت الانظار فى بلادنا على أن نرى كبار السن فوق الستين من عمرهم الا وبيد أحدهم عكازاً يستند عليه ، أو كرسي يتحرك به ، أو يسير وهو مسنود على كتف أحد أحفاده الصغار ..

وتعودنا على هذة المظاهر خصوصاً فى مساجدنا وخاصة في صلاة الفجر فهم رواد هذة الفريضة الغائبة ..!! فسألت نفسي اليس حقٌ لهؤلاء الراحة بل والصلاة في البيت ان كان فى السير مشقة ..!! قلت قد يكون التعود منذ زمن ، ولكبر سنهم وقلة مشاغلهم فهم ياتون للفجر ..!!

،ومرت الأيام .. وعجباً مارأيت ، رايت عجوزاً قد بلغ به الكبر عتيا ، لايستند على عكازاً ، ولا يجلس على كرسي يساعده فى الحركة ، لا يلازمه أحد من الصغار يستند على كتفه ..!!!

ياتي كل فردضة ، سريع الخطوات الى المسجد لايسبقه احد في سنه ..!! يصلي وكأنه شاب فى العشرين من عمره ، يركع وظهره مفرود ، يسجد ويده ثابتتان على الارض ، يقوم من سجوده مستنداً على قدمه فقط ، هل تتخيلون معي المشهد ، قدماه مازالت قادرة على النهوض به دون مساعدة ..!! ثم يقوم واقفاً ظهره قائم كالعمود لافيه انحناء ولااعوجاج ..!!

يخرج من الصلاة ويذهب الى بيته يرفع على ظهره شوالاً كبيرأ يذهب به الى السوق ، يملأه بما يلزم بيته ويلزم مايربيه من طيور ، ويذهب الى المخبز يحمل الخبز ويسير بكل هذا الى البيت فى ساعات الصباح ..!! ياله من رجل ...!!!

اخواني الكرام .. من اول وهله عند النظر لها الرجل ، لايسعك الا ان تقول " الحمد لله الذي عفانا مما ابتلى به غيرنا ...." من منظر الرجل ، نعم فهو أمامك رجل عجوز ، لحمه يكاد يلتصق بعظمه ، تجاعيد الوجه والكفين يظهروا عليه بوضوح .. فلا يسعنا الا ان نقول الدعاء .. ولكن أي دعاء بعد مارايت ، اندعو الله ان لانرى أنفسنا مثله فى الشكل ، أم ندعو الله أن يبارك لنا في اعضاءنا ويحفظها لنا كما حفظها لهذا الرجل ، أم ندعو الله أن يعطينا همة هذا العجوز في البكور والسعي والالتزام بالفروض ...؟؟؟

اخواني الكرام .. ظننت بعد سفري خارج مصر أني لن أرى هذا المشهد مرة أخري ، لعله كان حالة نادرة ، ولكن فوجئت بأن تكرر المشهد أمام عيني مرة ثانية ، هذة المرة رجل من افريقيا ، نحيف الجسم ، قد التصق جلده بعظمه ، نفس المشهد ، نفس الصفات ، ياله من مشهد .. اخواني انظروا ، نفس القوة ، نفس الهمة ....!!!

وأخيراً فقد أحترت فى الجواب على هذا السؤال ... !! من اين لهم تلك القوة الخارقة والهمة العالية في مثل هذة السن ...؟؟؟

حينها تذكرت حديث الرسول -صلى الله عليه وسلم - لابن العباس -رضي الله عنه - حين قال له " احفظ الله يحفظك ، احفظ الله تجده تجاهك " ..
وتذكرت قول التابعي حين سأله أحدهم " ماسر تلك القوة ..؟؟ حين رأه يجري ويسير ويمارس حياته وكأنه شاب في ريعان الشباب ..!!" فأجابه الشيخ " يابني هذة الأطراف حفظناها فى الصِغر ، فحفظها الله لنا في الكبر .."" .... وهنا عرفت السر ..

وأخيراً .. كل ماأتذكر الرجل بمصر الا ان ادعو له بدوام الصحة والعافية ... وكلما رأيت الرجل هنا في غربتي لايسعني الا النظر اليه طوال مكوثه امامي وأن أدعوا له بدوام الصحة والعافيه ... اللهم آمين ..

فهل يحق أن يطلق عليهم عجائز ..؟؟ والله لاأرى العجز الا فينا ... !!!

نسأل الله أن يوفقنا لحفظ هذة الامانه ونسأله ان لايحرمنا حفظها لنا في الكبر .. اللهم آمين ..
ونسأله السلامه سبحانه وتعالى ..

أخ ــــــــــو ك م